عجباً لمن ينتخب سجانه السياسي
د.نسيب حطيط
يتحكم السجان بسجينه فيقرر متى يأكل ويشرب ومتى يخرج ويرى نور الشمس أو ينام ومن يزوره وفي زنزانة إسمها الوطن يصبح من تنتخبه سجانك المحبب وترضى كمواطن ان يسجنك وبغرابة تصرخ بالروح بالدم نفديك...
تطالب هيئة التنسيق النقابية بإعطاء الحقوق (للناخبين) الذين يعطون أصواتهم للأحزاب والنواب الذين يقاطعون مجلس النواب حتى لا يأخذ من ينتخبهم حقوقه !!
يتظاهر الناخب ليطالب النائب المنتخب بإعطائه حقوقه وتخفيض الضرائب عنه والعدالة في الحقوق والواجبات وعدم مراعاة الأغنياء والمصارف والمتنفذين الذين يصادرون الأملاك البحرية ويفلتون من الجمارك والضرائب، فترى النائب ينحاز للقلة القليلة من الأغنياء ويخنق الفقراء الذين يصفقون له عند الإنتخابات ويفرحون عندما يقدم لهم العزاء لأنه تواضع وزارهم وجلس على كنباتهم البالية وبيوتهم المتواضعة وغامر بأن يمشي في الأزقة الضيقة والمظلمة.
لقد أصيب الناس "بالسادية السياسية" يتعلقون بمن يعذبهم ويحتقرهم ويوجه لهم الإهانة ويسلب لقمة العيش من أفواه صغارهم ويمنع العلم عن شبابهم ثم يوظفهم في معاركه العبثية في زواريب وحارات المدن، يلقيهم في السجون عندما يصبحون عبئاً عليه أو عثرة في طريقه للرئاسة أو الوزارة أو الزعامة.
أعجب للذي يحمل على كتفيه من يمنع عليه إستثمار أرضه فيجعلها في المناطق الريفية بنسب قليلة مما يؤدي لتآكل الأراضي الزراعية وتحول القرى إلى مساحات مبنية من بيوت من طابقين مع ما تحتاجه من كلفة إضافية من شبكات الطرق والمياه والهاتف بينما يرفعها النواب في المدينة فيتحول وسط بيروت إلى كنز عقاري يتمدد ليصادرالبحر أيضاً وتوضع له المراسيم والقوانين من النواب الآتين من قراهم فينتخب الفلاح والمالك الصغير هذا النائب أو الوزير حتى يشرع للأغنياء القوانين التي تزيد استثمار عقاراتهم فيمنع الإستثمار عن الأرض التي حررها الشهداء ويجيرها لصالح الأرض التي صادرها الأغنياء ... مع ذلك ينتخبهم ويصفق ويردد بالروح بالدم نفديك...
يقول الله سبحانه وتعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ولا يمكن أن يأخذ الناس حقوقهم من سلسلة الرتب والرواتب وحماية المرأة من التعنيف واسترجاع حق استثمار الأراضي واستعادة الشاطئ البحري لصالح الناس واستعادة الوظيفة العامة وغيرها إلا إذا غيروا منهجية تفكيرهم بأن لا يكونوا عبيداً للزعيم أو التنظيم أو الطائفة أو العصبية بل عبيداً لله سبحانه حتى يكونوا أحراراً في دنياهم.
هل سأل الموظفون والعسكريون والأساتذة أحزابهم ونوابهم لماذا لا يعطوهم حقوقهم ... هل ناقش هؤلاء مع زعمائهم ضرورة إعطائهم حقوقهم أم سيبقوا عبيداً لهم ينزلونهم إلى الشارع بحجة حماية المذهب أو الزعيم أو الطائفة فهل سينزل هؤلاء لحماية أطفالهم وشيوخهم وأرزاقهم...
أليس من الظلم والغرابة أن يتحول بضعة نقابيين وطنيين إلى متهمين بأنهم يحرمون أولادهم وأولاد غيرهم من الشهادة الرسمية ولا يتهم من يمنع السلسلة ؟
أليس من الغرابة أن تنام الأحزاب وتتقاعس عن دورها الذي تأسست من أجله وهو حماية المحرومين والفقراء والمحتاجين والفئات الشعبية ثم تعلن تأييدها لهيئة التنسيق ودعمها بالتصريحات واعترافها بالحقوق المكتسبة ثم تنقلب عليها في الكواليس وفي مجلس النواب وتمنعها عن حقوقها،بدل ان تمسك زمام المبادرة لقيادة الحركة النقابية والمطلبية بدلا عن تدجينها وتعليبها ؟
الأكثر سوءاً أن تظلم الناس نفسها وتبايع ظالمها والمانع عنها حقها ثم تفديه بالروح وبالدم...
لقد قال أبو ذر الغفاري "عجبت ممن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهراً سيفه" ؟ فكيف اذا تعرض للضرب بسيوف ممثليه والمسؤولين عنه والناطقين بإسمه ثم يشكرهم على أفضالهم وحمايته ودعمه !هل يستيقظ الغافلون والبسطاء حتى لايكونوا اغبياء ... وقيل يوما القانون لايحمي المغفلين .